المقارنة بين .. الإسلام والنصرانية واليهودية ..
والاختيار بينهم
﴿قُلْ يَا أَهْل الْكِتَابِ تَعَالَوْا
إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ
وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ
دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾
[آل عمران: 64]
جمع وترتيب
محمد السيد محمد
الحمد لله رب
العالمين، فاطر السموات والأرض، جاعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي المتقين، وهاديهم إلى الحق المبين،
وإلى صراطه المستقيم.
وأشهد أن محمدًا
صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله،
وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم أنبيائه ورسله، أرسله ربه بالنور الساطع والضياء
اللامع، فأدى الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، فكشف الله تعالى به الغمة، ومحى
به الظلمة، وجاهد في سبيله حتى أتاه اليقين.
فاللهم صل وسلم
وبارك على عبدك وخاتم أنبياءك ورسلك محمد في الأولين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى
إلى يوم الدين.
وارض اللهم عن
آل بيته الأخيار الأطهار، وأصحابه الكرام الذين آزروه وناصروه، ومن اهتدى بهديه
واستن بسنته، وانتهج نهجه، واقتفى أثره إلى يوم الدين، وبعد:
فلقد ظهر في تلك الآونة الأخيرة لا سيما عصر القنوات الفضائية، الكثير ممن
يهاجمون دين الله عز وجل، ألا وهو الإسلام، سعيًا منهم في الصدِّ عنه، وذلك بعدما
رأوا من انتشاره الواسع وقبوله العظيم في شتى أقطار الأرض، مستغلين في ذلك جهل
كثير من الناس بحقيقة الإسلام.
ومن ثم كانت
المحاولات تلو المحاولات في بث سمومهم تجاهه.
ولذلك: فبمشيئة
الله تعالى سوف نتعرض في هذا البحث اليسير الموجز لمقارنة بين الإسلام والنصرانية
واليهودية، من حيث أصول معتقدات كل منهم، وذلك حتى يتيسّر لأولي الفطر النقية
والنفوس الزكية والعقول الراجحة الرشيدة، التمييز بين الصحيح والسقيم والجيد
والردئ، ومن ثم الاختيار بجلاءٍ عن يقين من بين هذه الشرائع الثلاث.
وبداية: فإننا
ندعوا الجميع سواءً كانوا من المسلمين أو غيرهم من النصارى أو اليهود، أن يتجرّدوا
من الأهواء والعصبيات والشهوات عند اختيارهم من بين هذه الشرائع الثلاث وعليهم أن
يعلموا أن ما يتضح لهم من الحق إنما هو حُجّة عليهم أمام الله تعالى.
ومن ثم فإن
عليهم أن يقفوا مع أنفسهم وقفة صادقة حِسبةً لله تعالى، مبتغين بها الحق، قبل أن
يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
ونسال الله
العليّ العظيم رب العرش الكريم أن يهدينا جميعًا للحق المبين الذي لا مرية فيه،
وأن يشرح صدورنا له، وأن يوفقنا للسير على دربه، إلى أن نلقاه جل وعلا فهو تبارك
وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.
من هم أهل الكتاب؟
إن أهل الكتاب هم بإيجاز اليهود والنصارى، أصحاب الشرائع
السماوية.
ولا شك أن هذه الشرائع قد ضاعت وانحرفت عن مسارها
الصحيح، ومن ثم كان خروجها عن الإطار الرباني الصالح لهداية البشر.
ما يربط
النصرانية باليهودية، ومن ثم الاتفاق الظاهر بينهما
بداءةً نوضح: أن كلًا من النصرانية واليهودية في تضاد
وعداء شديد، فلا يمكن لهما أن يجتمعا بأي شكل من الأشكال.
ومن الأسباب الرئيسة في ذلك: هو اختلاف معتقد كل منهما،
حيث تعتقد النصرانية الألوهية في المسيح، وتقول بأنه أحد أجزاء ثلاثة لإلهها، وأنه
(المسيح) قد صُلِب، ثم قُتِلَ على الصليب من قِبل اليهود، ثم قام من بين الأموات
وصعد إلى السماء.
وعلى النقيض تمامًا، نجد أن اليهودية قد كذبت بنبوة
المسيح ورسالته، وقالت بأنه ابن زنا، وُلِد بُغية، ونسبت أمه إلى الفجور.
إلى غير ذلك من أسباب التضاد والتناقض والعداء الشديد
بينهما.
وإن كان ذلك السبب الذي قد أشرنا إليه لكفيل وحده
باستحالة الاتفاق بين كل منهما.
وإذا ما حاول الإعلام العالمي إيهام الكثير باتفاق
اليهود مع النصارى تحت أي من المسمّيات المزعومة، فإن ذلك في الحقيقة ليس إلا
اتفاق ظاهري مُخادع، لتحقيق أطماع مشتركة بين كل منهما، لا سيما في النيل من
الإسلام وأهله.
وحقيقة ذلك الاتفاق الظاهري بين كل من النصرانية
واليهودية، هو الآتي:
أن اليهود يعتقدون أنهم إذا بنوا هيكل سليمان خرج
المُخلِّص لهم (لليهود)، وهو المسيح الدجال، وهم يُقَرّون بذلك في كتبهم.
وفي هذا صدقٌ لما أخبر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: «يتبع
الدجّال من يهود أصبهان سبعون ألفًا عليهم الطيالسة». أي عليهم اللباس الذي يلبسه
أحبار اليهود.
وإذا كان ذلك العدد من علماءهم، فما بالنا بعامتهم؟!
وذلك أنهم يعتبرونه (المسيح الدجال) هو المخلّص لليهود([1])،
أي مما هم فيه من التشتت والتشرذم وإهانة الشعوب لهم.
ولكن العجيب: أن المسيح الدجال الذي سوف يؤمن بألوهيته
اليهود، ويعتبرونه مُخلِّصهم، يكون أعورًا، ومجسمًا، بحيث يكون مُتحيّزًا، أي
يحدّه المكان المحيط به.
ومن المُحال أن يكون الإله الخالق جلّ وعلا بذلك الوصف
المُتصف به مسيح اليهودية (المسيح الدجال).
وبالنسبة للنصارى:
فإنهم يعتقدون أنه إذا تمَّ بناء الهيكل (الذي تزعمه
اليهودية)، وخرج المسيح الدجال (الذي يؤمن به اليهود)، ابتدأ عهد جديد للنصارى،
يحكمون فيه العالم من خلال القدس.
أي أن النصارى يعتبرون اليهود قنطرة يعبرون عليها إلى
مجدهم، وأن اليهود جسر يعبرون عليه إلى حكم العالم.
لذلك فإن النصارى يعتقدون أنه إذا ما دُمِّر اليهود
وشُرِّدوا، ووقعت عليهم الهزيمة من المسلمين أو غيرهم، سوف يتأخر نزول المسيح بن
مريم([2])،
الذي يؤمنون به ويألهونه.
ومن ثم يتبين السرّ في مساعدة
الغرب لا سيما الولايات المتحدة لإسرائيل، في إقامة دولة لهم، حتى وإن كان ذلك على
أرض مغتصبة من المسلمين العُزّل من أدنى مقومات الحرب الحديثة.
ومما أشرنا إليه يتبين أن الاتفاق بين النصرانية
واليهودية، ما هو إلا اتفاقًا ظاهريًا، منطويًا على تضاد وتناقض بين معتقد كل
منهما، ومشحون بالعداء الشديد والتناحر المقيت الذي لا يلبس إلا وأن ينفجر في أي
وقت بينهما تحت أي إشعال له، والحروب الحديثة شاهد ذلك.
عقيدة اليهودية
في الإله الربّ سبحانه وتعالى
بداءة نوضح: أن اليهودية قد ذمّت وعابت الإله الربّ
سبحانه وتعالى، ونسبت إليه من الصفات ماتكون سببًا في الانتقاص منه، ومن عظيم
صفاته، بحيث لا يمكن للفطر السوية والنفوس الزكية والعقول الرشيدة قبولها في حق
الإله الربّ سبحانه وتعالى.
ويرجع ذلك إلى ما قد نال كتاب اليهودية من التغيير
والتبديل والتحريف، تبعًا للأهواء وانقيادًا خلف الشهوات.
فنجد أن التوراة التي تنسبها (اليهودية) إلى موسى عليه
السلام، تتضمن الكثير والكثير من القصص المفتراة، مع ما فيها من بذئ الأقوال
الفاحشة، ونسبها وإلقاصها بالأنبياء والصالحين، على الرغم من اعترافها (التوراة)
بنبواتهم ورسالاتهم.
وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح جزءً من ذلك في نقاط لاحقة.
ومن ثم فإن اليهودية بذلك الذي ألصقته بأنبياءها
وصالحيها من بذيء الأفعال والجرائم تكون قد نسبت إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى
سوء الاختيار لأنبيائه ورسله، نتيجة جهله بما سيُقدِمون عليه من ارتكاب لمثل تلك
الجرائم والفواحش المنسوبة إليهم.
ومن ثم فإن اليهودية أيضًا تكون قد نفت عن الإله الربّ
سبحانه وتعالى صفة الحكمة، لأنه بدلًا من أن يُحسن اختيار أنبيائه ورسله ليكونوا
بمثابة مصابيح هدى للبشرية، قام بإساءة الاختيار لهم ليصيروا بذلك بئس النماذج
المقتدى والمحتذى بهم.
فاليهودية قد نسبت إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى العديد
من الصفات الذميمة إثر افتراءاتها على أنبياءها ورسلها، ومن مثيل تلك الصفات
الذميمة:
أ- صفة سوء الاختيار ب- الجهل وعدم العلم بالغيب والمستقبل
جـ- انتفاء الحكمة.
إلى غير ذلك مما يترتب على مثل تلك الصفات من صفات معيبة
ناقصة يستحيل لعاقل أن يتقبلها في حق الإله الربّ سبحانه وتعالى.
ونجد أيضًا، أن اليهودية قد نسبت إلى الإله الربّ سبحانه
وتعالى صفة العنصرية والظلم والفظاظة.
حيث إن اليهود يعتقدون أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن
الإله إنما هو إله بني إسرائيل، وأن الربّ إنما هو ربّ بني إسرائيل، وأن مختلف الأمم
والشعوب من غير جنسهم اليهودي لا أمل لهم في الإله الربّ سبحانه وتعالى، حيث
يزعمون أن سائر الأمم والشعوب مرفوضة منه.
وبما أن إله اليهود لا يقبل سواهم، ولا يتقبل عبادة إلا
منهم، إذن فلا أمل لسائر الأمم والشعوب في التعبد والتقرّب لذلك الإله الربّ الذي
خلقهم، وليبحثوا حينئذ عن إله آخر يرضونه فيتقبلهم. (استنكارًا لادّعاء اليهودية).
وذلك بلا شك وصف أيضًا للإله الربّ بعدم الحكمة، (تعالى
الله عن ذلك علوًا كبيرا).
ونجد أيضًا أن اليهودية قد نسبت إلى الإله الربّ سبحانه
وتعالى أنه عبارة عن جسم كبير، ومن ثم فإنها تصفه بالتجسيم والتحيّز، ومن المحال
في حقّ الله تعالى أن يوصف بمثل ذلك، لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، فلا يمكن
أن يحتويه مكان أو يُفنيه زمان.
فالله سبحانه وتعالى هو خالق المكان والزمان، وذلك يعني
أن المكان قد أوجده الله تعالى لتعيش المخلوقات فيه (كالإنسان والحيوان والطير
...).
وقبل خلق الله تعالى لهذه المخلوقات لم يكن هناك مكان أو
زمان.
لذلك، فإن اليهود هم أول من يتبعون المسيح الدجّال الذي
يخرج آخر الزمان، ويدّعي الألوهية، مع أنه لا يستطيع أن يزيل ما به من عور، حيث إن
من صفاته ذلك العور الذي بإحدى عينيه، مع ضخامة في جسمه.
ومن المحال في حقّ الله تعالى أن يكون بذلك الوصف
المُتّصف به المسيح الدجال، سواءً كان ذلك العور الذي بإحدى عينيه، أو ذلك التجسيم
والتحيّز المتّصف به الدجّال.
ويؤكد ذلك التجسيم الذي تدّعيه
اليهودية وتنسبه إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى، افتراءً عليه، أنها تزعم أن موسى
عليه السلام قد رأى أجزاء الله الخلفية (المؤخّرة)، حيث ينصّ كتابها على أن الله
قال له لموسى الآتي: «ثم أرفع يدي فتنظر ورائي، وأما وجهي فلا يُرى» [سفر الخروج 33: 23].
والنصّ بالإنجليزية لسفر الخروج (33: 23)، كالآتي:
[And thou shall see my back
parts]
وترجمته الحرفية: وسوف ترى أجزاء مؤخرّتي، (تعال الله عن
مثل ذلك علوًا كبيرًا).
ونجد أيضًا، أن اليهودية قد نسبت إلى الإله الربّ سبحانه
وتعالى أنه قد تصارع مع يعقوب، وكانت الغلبة ليعقوب، حيث ينصّ كتابها على الآتي:
«فقال لا يُدعى اسمك في ما بعد يعقوب، بل إسراءيل لأنك
جاهدت مع الله ومع الناس فقدرت» (سفر التكوين 32 : 28)، (تعالى الله عن مثل ذلك
علوًا كبيرا).
وذلك الذي تدّعيه اليهودية إنما هو نابع من تلك الأمثلة
الوصفية الكثيرة، المثيرة للصور الذهنية، والتي تعِجّ وتمتلئ بها كتبها، حيث تصور
الإله الربّ بالكلمات حسب شكل الإنسان نفسه.
ومن تلك التعبيرات أيضًا التي ينصَّ عليها كتاب
اليهودية، والتي يتصوّر منها القارئ أن الإله الربّ مثل الإنسان وأنه مُتحيّز،
بحيث يكون له مكان يحدّه ويحيط به، الآتي:
«فنزل الربّ لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم
يبنوهما» (سفر التكوين 11: 15).
(تعالى الله عن
ذلك علوًا كبيرا)
وأيضًا، وَصْف الإله الربّ كإنسان يشم، كالآتي: «فتنسم رائحة
الرضا وقال الربّ في قلبه ....» (سفر التكوين 8:21).
ونصّ ذلك بالإنجليزية (And lord smelled asweet savour)
وترجمته الحرفية: وشم الربّ نكهة أو رائحة حلوة.
تعالى الله عز
وجل عن مثل ذلك علوًا كبيرا
ونجد أيضًا، أن اليهودية قد نسبت إلى الإله الربّ سبحانه
وتعالى، صفة الندم والتأسف والحزن، ولا شك أن الندم يتأتى من قبيل سوء التصرّف
وفعل الخطأ، نتيجة الجهل بعواقب ذلك الفعل.
ويتبيّن ذلك مما ينصّ عليه كتاب اليهودية، كالآتي:
«فحزن الربّ أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه» (سفر التكوين 6:6).
تعالى عز وجل عن مثل ذلك علوًا كبيرا.
ونجد أيضًا أن اليهودية قد نسبت إلى الإله الرب سبحانه وتعالى: أنه يستريح
ليستعيد نشاطه، ولابد أن تلك الاستراحة لاستعادة النشاط تكون جرّاء التعب والإنهاك
في الجهد.
ولا شك أن ذلك كله مُحال في حق الله تعالى، لأن أمره إذا أراد شيئًا أن
يقول له كن فيكون.
ويؤكد ما ذكرناه من نَسْب اليهودية إلى الله تعالى صفة الاستراحة لاستعادة
النشاط، والتي لا تكون إلا جرّاء التعب والانهاك في الجهد، الآتي:
« ... لأنه في ستة أيام صنع الربّ السماء والأرض، وفي اليوم السابع استراح
وتنفّس» (سفر الخروج 31: 17).
ونصّ ذلك بالإنجليزية: [He rested and Refreshed]
وترجمته الحرفية: استراح واستعاد نشاطه.
ومن ثم فإن اليهودية تحيي ذكرى (يوم السبت) اعتقادًا منها كما في كتبها، أن
الله قد تعب واحتاج أن يستعيد نشاطه بعد ستة أيام (أي نتيجة الأشغال الشاقة
المجهدة التي قام بها).
تعالى الله عز وجل عن مثل ذلك علوًا كبيرا
ونجد أيضًا أن اليهودية قد نسبت إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى: أنه كصفة
النار المتلهبة، حيث ينصّ كتابها على الآتي:
«وكان منظر مجد الربّ كنار آكلة على رأس الجبل أمام عيون بني إسرائيل» (سفر
الخروج 24 : 17).
ولا شك أن النار رمزٌ للدّمار والخراب عكس النور والضياء.
فتعالى الله عز وجل عما قد نسبته إليه اليهودية علوًا
كبيرا
وغير ما أشرنا إليه الكثير والكثير من الصفات الذميمة المعيبة التي قد
نسبتها اليهودية إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى، كالنوم، والاستيقاظ من النوم، ...
إلى غير ذلك، مما يستحيل لعاقل ذي فطرة نقيّة ونفس زكيّة أن يتقبل أياًّ منها في
حق إلهه وخالقه ورازقه .. سبحانه وتعالى.
موجز عن عقيدة
اليهودية في أنبياء الله ورسله
لقد نسبت اليهودية إلى أنبياء الله
تعالى الكثير من الجرائم والافتراءات التي يستحيل لفطر نقية ونفوس زكيّة وعقول سويّة أن تقبلها في حق إنسان فاضل،
عفيف طاهر، فضلًا عن نبي أو رسول قد اختاره الله تعالى واصطفاه عن علم منه جل وعلا
للنبوة والرسالة.
ومن تلك الجرائم والافتراءات التي نسبتها اليهودية إلى أنبياء الله ورسله:
1-
أنها نسبت إلى نبي الله هارون عبادة العجل (صنم مصُوَّر على شكل عجل)، ليس
ذلك فحسب، بل نسبت إليه أنه قد بنى معبدًا لذلك العجل الذي يعبده، وأنه أمر بني
إسرائيل بعبادته، وذلك كما هو مصرّح به في (سفر الخروج، الباب 32).
2-
أنها نسبت إلى نبي الله سليمان السحر، وأنه كان ملكًا ساحرًا.
3-
أنها نسبت إلى نبي الله لوط شربه للخمر، وليس ذلك فحسب، بل إنها نسبت إليه
أيضًا: أنه قد زنى بابنتيه الكبرى ثم الصغرى، وأن ابنتيه قد حملتا منه من الزنا.
وذلك يعني أن اليهود لم تنسب إلى نبي الله لوط الزنا
فحسب، بل نسبت إليه أقبح أنواع الزنا، ألا وهو زنا المحارم، لا سيما زنا الأب
بابنتيه، كما في (سفر التكوين، الباب 19).
4-
أنها قد نسبت إلى نبي الله نوح شربه للخمر وتعرّيه، أي تجرّده من ملابسه،
كما في (سفر التكوين 9: 20 – 21).
5-
أنها قد نسبت إلى نبي الله يوسف أنه كاد أن يزني هو أيضًا، بعد أن قام بحلّ
تكة سراويله من أجل ذلك.
وغير ذلك الكثير والكثير من الجرائم المنكرة، والفواحش
الرذيلة، والافتراءات الكاذبة التي قد نسبتها اليهودية إلى أنبياء الله تعالى
ورسله.
وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح بعضًا مما قد نسبته
اليهودية إلى أنبياء الله ورسله في الجزئية الخاصة بما تعتقده النصرانية في أنبياء
الله ورسله، حيث إن الكتاب المقدس للنصرانية يتضمن كتاب اليهودية تحت ما يسمى
بالعهد القديم.
ومما أشرنا إليه يتبيّن لنا عِظَم افتراءات اليهودية على
أنبياء الله تعالى ورسله، من ثم عِظَم الافتراء على الله تعالى.
لأن الاعتقاد بذلك الذي قد نسبته اليهودية إلى الأنبياء
والمرسلين يعني أن يُنسب إلى الله تعالى صفة الجهل وعدم العلم بالغيب لسوء اختياره
لأنبياءه ورسله، بل ويعني أيضًا أن يُنفي عن الله تعالى صفة الحكمة، وذلك كله محال
في حقّ الله سبحانه وتعالى.
فالله سبحانه وتعالى مُنزّه عن سوء الاختيار، حيث إنه جل
وعلا قد اختار أنبياءه ورسله ليكونوا مصابيح هدى للبشرية قاطبة، وليكونوا خير
نماذج يقتدى ويحتذى بها.
وإذا ما ارتضت اليهودية مثل تلك الافتراءات على أنبياء
الله ورسله، فإن ذلك يكون بمثابة التقليل من خطورة جريمة الزنا وغير ذلك، ويعني
التشجيع على ارتكاب مثل تلك الرذائل والفواحئ والجرائم، لأنه إذا ما سَلِم
أنبياءها ومرسليها من السقوط والإنغماس في وحل تلك الرذائل، فهل يسلمون هم؟!!
فالله سبحانه وتعالى منزّه عن الجهل بما سوف يفعله
أنبياءه ورسله، بل إنه سبحانه وتعالى يعلم تمام العلم أنهم (أنبياءه ورسله) خير من
يعبدونه على هذه الأرض، وخير من يدعون إليه سبحانه وتعالى، ومن ثم فهم خير من
يقتدى ويحتذى بهم.
السيدة مريم في
اليهودية
ونوجز هذه النقطة بتوضيح ما يلي، وهو:
أنه كما لم تعترف اليهودية بنبوة ورسالة المسيح، فإنها
كذلك قد نسبت الزنا والفجور إلى والدته (السيدة مريم)، وذلك على الرغم من تأييد
الله تعالى لها من خلال معجزة كلام وليدها (المسيح) في المهد، كتبرءة لها، وكتمهيد
لرسالته فيما بعد.
المسيح في
اليهودية
ونوجز هذه النقطة بتوضيح ما يلي، وهو:
أن اليهودية لا تعترف بنبوة ورسالة المسيح، بل إنها نسبت
إليه الولادة بغية، أي أنه قد وُلِد بطريقة غير شرعية، حيث قالت عنه: أنه وَلَد
زنا، وذلك على الرغم من معجزة كلامه في المهد، والمعجزات التي قد أجراها الله
تعالى على يديه بعد ذلك تأييدًا لنبوته، وشهادة بصدق رسالته.
بل إن اليهود قد حاولوا صلب المسيح وقتله، ولكن الله
سبحانه وتعالى قد رفعه إليه وأنجاه منهم.
مم يتكون كتاب
اليهودية؟؟
بداءة ننوه إلى:
أن ما بأيدي اليهودية الآن ليست بالتوراة التي جاء بها
موسى عليه السلام من الله تعالى، وذلك نظرًا لما قد نالها من التغيير والتبديل
والتحريف.
وبالنسبة لما يتكون من كتاب اليهودية اليوم:
فإنه يتكون من العديد من الكتب مثل (سفر التكوين – سفر
الخروج – سفر اللاويين – سفر العدد – سفر تثنية الاشتراع)، وتلك الكتب عامة تنسب
إلى موسى، غير أننا نجد أن كاتبها مجهول، غير معروف، إضافة إلى العديد من الأسفار
الأخرى الغير منسوبة إلى موسى، وكاتبها غالبًا بين المجهول، الغير معروف، أو ما
يمكن أن يكون مشكوكًا فيه، كأن يُقال أن كاتب ذلك السفر من المُحتمل أن يكون كذا.
وتلك الأسفار متضمنة للكثير والكثير من حالات الزنا لا سيما
زنا المحارم (كما في سفر التكوين وغيره) وقصص للعاهرات مع وصف فاضح لعهرنّ، ...
إلى غير ذلك، كما أشرنا سابقًا، ومما سوف نشير إليه في نقاط لاحقة بمشيئة الله تعالى.
ولتمام الفائدة، ننوه إلى:
أن النسخ المشهورة للعهد القديم عند أهل الكتاب ثلاث (3) نسخ:
النسخة الأولى: هي النسخة العبرانية، وهي المعتبرة عند
اليهود وطائفة البروتستانت النصرانية([3]).
النسخة الثانية: وهي النسخة اليونانية، وهي التي كانت
معتبرة عند النصرانية إلى القرن الخامس عشر من القرون المسيحية، وكانت تعتقد إلى
هذه المدة تحريف النسخة العبرانية، وهي إلى هذا الزمان معتبرة عند الكنيسة
اليونانية وعند كنائس المشرق([4]).
النسخة الثالثة: وهي النسخة السامرية، وهي المعتبرة عند
السامريين.
وبين تلك النسخ الاختلافات الكثيرة، فكثير من كتب العهد
القديم كانت مشكوكة، غير مقبولة عند النصرانية إلى ثلاثمائة وأربع وعشرين سنة([5]).
وذلك يوضح لنا مدى التخبّط الذي يقع فيه كتاب اليهودية،
ومن ثم كتاب النصرانية، لاحتواءه وتضمّنه إياه تحت مُسمّى العهد القديم.
إلى أي شيء
يدعوا الكتاب الذي بين يدي اليهودية اليوم؟
لقد أرسل الله عز وجل أنبيائه ورسله إلى الناس من أجل
دعوتهم وهدايتهم إليه سبحانه وتعالى، مُنزّلًا عليهم الكتب السماوية، رحمة منه
تبارك وتعالى.
ولقد أنزل الله عز وجل على نبيه موسى عليه السلام
التوراة فيها هدى ونور لمن يأخذ بها، ويعمل بما فيها.
ولقد وكّل الله عز وجل حفظ التوراة إلى البشر من أحبار
وغيرهم، كغيره من الكتب السماوية، حيث لم يتعهد الله تبارك وتعالى بحفظ كتاب سماوي
سوى القرآن الكريم، لما كان من تضييع البشرية للكتب السماوية السابقة له (القرآن
الكريم) حينما استحفظوا عليها، ولما للقرآن الكريم من خاصية فريدة، وهو أنه ليس
بعده أي نزول لكتاب سماوي آخر ، فهو (القرآن الكريم) آخر الكتب السماوية
المُنزّلة.
ومن ثم: فإن التوراة التي قد جاء بها نبي الله موسى عليه
السلام قد نالها ما نال غيرها من اعتداءات الحاقدين والمعتدين بالتغيير فيها
والتبديل والتحريف، حسبما تُمليه عليهم أهواءهم وشهواتهم وعقولهم الشيطانية
الخبيثة.
لذلك: فإن ما بين يدي اليهودية اليوم لا يمكن وصفه
بالتوراة، لما قد طرأ عليها من التغيير والتبديل، والتحريف الذي قد أخرجها عن
إطارها الربّاني.
وبمشيئة الله تعالى سوف نشير في هذه النقطة إلى موجز مما
يدعوا إليه الكتاب الذي بين يدي اليهودية اليوم، وذلك بعدما نالت الأيدي الخفية
منه ولوثته، ومن ذلك:
1- الدعوة إلى ذمّ الإله والانتقاص منه.
ولقد تم الإشارة في نقطة سابقة إلى ما قد نسبته اليهودية
إلى الله تعالى من صفات ذمّ وانتقاص وعَيْب، والتي لا يمكن للفطر السوية والنفوس
الزكية والعقول الراجحة الرشيدة أن تقبلها في حقه جلّ وعلا، ومثال ذلك:
- أنها (اليهودية) قد نسبت إليه جلّ وعلا صفة النوم، ومن
ثم عدم العلم، وضياع العدل وانتشار الظلم، وانتفاء الحكمة.
لأن من ينام فإنه يغيب وعيه وإدراكه، ومن ثم يجهل الكثير
من مجريات ومحدثات الأمور، ولا يمكنه التمييز بين المظلوم والظالم للفصل بينهم يوم
الحساب، ومن ثم ضياع الحقوق.
وإذا كان الأمر كذلك: فما الحكمة إذن من خلق البشرية،
ومن خلق الجنة كثواب للمؤمنين الطائعين، ومن خلق النار كعقاب للكافرين والعاصين؟!
ولا شك: أنه إذا ما تمّ نسب مثل تلك الصفة الوضيعة (النوم)
لله جل وعلا، كما فعلت اليهودية، فإن ذلك يعني نفي صفة الحكمة عن الله تعالى، ومن
المحال في حق الله سبحانه وتعالى أن تنتفي عنه هذه الصفة المجيدة (الحكمة).
إلى غير ذلك من الصفات المذمومة والناقصة والمعيبة
المترتبة على مثل تلك الصفة الوضيعة التي قد نسبتها اليهودية إلى الله تعالى،
افتراءًا وكذبًا، وبهتانًا وزورًا.
فتعالى الله
جلّ وعلا عن ما نسبته إليه اليهودية علوًا كبيرًا
وتبعًا لما أشرنا إليه، فإن نسب صفة النوم إلى الله
تعالى يعني ذمّه والانتقاص من قدرته وعظمته، لاحتياجه لمثل تلك الصفة، وذلك كله
مُحال في حقه جلّ وعلا.
فالله سبحانه وتعالى هو القدير العظيم، الغني عن ما
يحتاج إليه خلقه، فليس كمثله شيء.
ولقد نسبت اليهودية أيضًا إلى الله تعالى صفة الندم، ومن
ثم عدم العلم بالغيب وبمحدثات الأمور والجهل بها، ومن ثم ضياع الحكمة والانتقاص من
قدرته وعظمته جلّ وعلا.
وذلك لأن من يعلم نجده يتصرف من منطلق علمه، ومن ثم فإنه
لا يندم على تصرفه.
فإذا ما نسبت اليهودية صفة الندم إلى الله تعالى، فإن
ذلك يعني أنها تقول بأن الإله قد أساء التصرف نتيجة عدم العلم، والجهل بالغيب،
وبما ستئول إليه الأمور، ومن ثم الانتقاص من قدرته وعظمته جلّ وعلا، وذلك كله
مُحال في حق الله سبحانه وتعالى.
فتعالى الله جل وعلا عن ما نسبته إليه اليهودية من صفات
مذمومة معيبة ناقصة، علوًا كبيرا.
ولقد نسبت اليهودية أيضًا إلى الله تعالى صفة التعب، تبعًا
لما قد نسبته إليه من استراحة بعد خلق السماوات والأرض، ومن ثم الانتقاص من قدرته
وعظمته جلّ وعلا.
وذلك بالتأكيد مُحال في حقّ الله سبحانه وتعالى.
فتعالى الله جلّ وعلا عن ما نسبته إليه اليهودية من مثيل
تلك الصفات المذمومة المعيبة الناقصة علوًا كبيرًا.
ولقد نسبت اليهودية إلى الله تعالى صفة العنصرية.
حيث تدّعي اليهودية أن الإله هو إله بني إسرائيل، وأن
الربّ هو ربّ بني إسرائيل.
وتدّعي أيضًا أن اليهود هم أبناء الله وأحباؤه.
وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا خلق الله تعالى غيرهم (غير
اليهود) من الأجناس البشرية الأخرى المختلفة، وما الحكمة إذن من خلقه لعباده من
غير اليهود؟!
وإذا كان الأمر كذلك، فأين يكون عدل الله بين عباده؟!
وإذا كان الأمر كذلك، فما بالنا بمن هو من غير اليهود،
ولكنه يؤمن بالله تعالى ووحدانيته وعظيم صفاته وطلاقة قدرته، وبأنبيائه وكتبه
وتشريعاته، وبالغيبيات الأخرى التي هي شرط في صحة الإيمان، مع تقواه وصلاح
أعماله؟!
وما بالنا بمن هو من الجنس اليهودي، ويفتري على الله كذبًا،
ولا يؤمن بجميع أنبيائه ورسله، ناسبًا إلى كثير ممن يؤمن بهم الفواحش والرذائل، مع
عصيانه وفساد أعماله؟!
هل يستويان مثلا؟!! بالطبع:
كلا
كذلك، لا شك أن معتقد اليهودية يتنافى تمامًا مع عدل
الله تعالى وحكمته، وسائر صفاته العليّة، ممّا يجعله (معتقد اليهودية) يتنافى أيضًا
مع الفطر النقية والنفوس الزكية والعقول الراجحة الرشيدة.
وغير ذلك الكثير والكثير مما قد نسبته اليهودية إلى الله
تعالى من صفات مذمومة معيبة ناقصة، تبعًا لما ينص عليه الكتاب الذي بين يديها
اليوم بعد التحريف والتغيير والتبديل والتلويث.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire